حكم تعدين وتداول العملات الرقمية في القانون العماني

العملات الرقمية (باللغة الإنجليزية: Cryptocurrency أو crypto-currency أو crypto).

يقصد بها أي شكل من أشكال العملة الموجودة رقميا ويستخدم (التشفير) لحمايتها.

وكانت (البيتكوين) Bitcoin هي أول عملة رقمية تظهر إلى النور وذلك في العام ٢٠٠٩، ومنذ ذلك التاريخ وتوسع انتشار العملات الرقمية وتنوعت بشكل كبير للغاية.

حدث ذلك على الصعيد العالمي.

أما الوضع في سلطنة عمان، فهو يدور بين المنع القانوني لكافة أشكال التعامل بها -باستثناء وحيد-، وبين رغبة أعداد متزايدة من العمانيين في التعامل بها.

إذ تشير دراسة أجرتها شركة (ستاتيستا) الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين إلى أنه من المتوقع أن تصل إيرادات المتعاملين في سوق العملات المشفرة داخل عمان إلى 32.05 مليون دولار أمريكي في عام 2024.

وبحسب ذات الدراسة فإن التوقعات تشير لحدوث نمو في العملات الرقمية في عمان بنسبة متوقعة 5.60٪ سنويا، مما ينتج عنه إجمالي مبلغ متوقع قدره 39.85 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2028.

بين هذا وذاك، سنرصد لكم اليوم في هذا التقرير من (القانون في الخليج) الموقف القانوني لتعدين وتداول العملات المشفرة في القانون العماني.

ما حكم تداول العملات الرقمية في سلطنة عمان؟:

العملات الرقمية المشفرة لا تندرج تحت المعاملات القانونية في سلطنة عمان
هل يعاقب القانون العماني على تداول العملات الرقمية؟، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج.

لتوضيح الموقف القانوني من تداول العملات المشفرة في سلطنة عمان، فإننا نقسم هذا السؤال إلى قسمين.

القسم الأول: هل مؤسسات تداول العملات المشفرة مصرح بها في سلطنة عمان؟:

في البداية فإن أي مؤسسة أو جهة تتعامل في العملات وأنظمة الدفع داخل السلطنة، لابد أن تكون مرخصة من البنك المركزي العماني، وخاضعة للتنظيم القانوني بموجب المرسوم السلطاني رقم ٨ لسنة ٢٠١٨ بإصدار قانون نظم المدفوعات الوطنية.

وينص القانون في مادته رقم ٤٠ على: ((لا يجوز إصدار النقود الإلكترونية إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من البنك المركزي وفق الشروط والإجراءات التي تحددها اللائحة)).

هذا ولا توجد أي مؤسسة أو جهة تتداول أو تعمل في العملات الرقمية مرخصة أو مسموح لها بالعمل في سلطنة عمان.. وهكذا نكون قد أجبنا عن الشق الأول من السؤال.

لكن، قد يقول قائل أنه ربما يأتي يوم تحصل فيه إحدي الجهات أو المؤسسات على الترخيص اللازم للعمل من البنك المركزي العماني، وهذا ما ينقلنا مباشرة إلي القسم الثاني من السؤال.

القسم الثاني: هل العملات المشفرة تعد نقد قانوني مقبول في القانون العماني؟:

بحسب القانون الحالي في السلطنة، فإنه لا يمكن أصلا لأي شركة أو جهة أو مؤسسة تعمل في مجال العملات الرقمية المشفرة أن تحصل على ترخيص للعمل في سلطنة عمان.

ونقصد بالقانون الحالي هنا مرسوم سلطاني رقم ١١٤ لسنة ٢٠٠٠ بإصدار القانون المصرفي، والذي وبموجب أحكامه لا تعد العملات الرقمية المشفرة نقدا مقبولا في السلطنة.

إن النتيجة المنطقية التي يجب أن تنتبه إليها هي أن مؤسسة أو جهة تدعي أنها مرخصة في سلطنة عمان للعمل بمجال العملات الرقمية، ما هي إلا منصة إحتيالية، وينبغي عليكم عدم التعامل معها.

علاوة على كل ما سبق، فقد أكد (البنك المركزي العماني) في أكثر من مرة أنه لا يكفل أي حماية للعملات المشفرة، بل ولا يعتبرها عملات معترف بها من الأساس.

بل لقد نشر العديد من البيانات التحذيرية في هذا الصدد، اخترنا أن نعرض لكم نص أحدهم:
((يحذر البنك المركزي العماني مجددا كافة المواطنين والمقيمين من استخدام العملات الرقمية المشفرة كعملات داج كوين (Dagcoin) وغيرها مؤكدا أنها محفوفة بمخاطر عالية بسبب تذبذب قيمتها بشكل كبير ومخاطر استغلالها في القرصنة الإلكترونية والاحتيال، كما يؤكد البنك المركزي العماني أنه لم يمنح أي ترخيص لأية مؤسسة أو هيئة لتداول العملات الرقمية المشفرة أو ما شابهها من منتجات أو المتاجرة بها ولا يكفلها البنك المركزي العماني كأموال ولا تخضع لحماية القانون المصرفي العماني رقم ١١٤ / ٢٠٠٠ حيث أن أي شخص يتعامل بهذه العملات المشفرة فإنه يقوم بذلك على مسؤوليته الشخصية)).

وكان البنك المركزي العماني نفسه قد أعلن في وقت سابق أنه تلقي العديد من المطالبات من قبل شركات تعمل في العملات المشفرة من أجل الترخيص لها بالعمل، لكنه رفضها تماما لأنها مخالفة للقانون.

هل العملات الرقمية مسموح بها في سلطنة عمان؟:

موقف البنك المركزي العماني يستند أيضا إلى نص المادة ٣٩ من قانون نظم المدفوعات الوطنية العماني، والذي وضع عددا من الشروط لاعتبار النقود الإلكترونية معترف بها، وسنجد أن هذه الشروط لا تنطبق على العملات الرقمية المشفرة مثل:

  1. أن المقصود بالنقود الإلكترونية هي قيمة نقدية مقومة بالريال العماني (ولا يوجد أي عملة رقمية مشفرة مقومة بالريال العماني .. لا البيتكوين ولا ريبل ولا تيثر .. ولا أي عملة رقمية أخرى مقومة بالريال العماني، بل إن العملات المشفرة من طبيعتها أن لا تكون مقومة بعملة أي دولة).
  2. أن تكون مستحقة على المرخص له بإصدارها. (بمعني أنه يكون ملتزم برد قيمتها نقدا حين يطلب صاحبها ذلك، وكما قلنا لا توجد أي جهة مرخص لها بإصدار عملات مشفرة في عمان).

كذلك فإنه بالاطلاع على المادة ٦٩ من القرار رقم ١ لسنة ٢٠١٩ بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون نظم المدفوعات الوطنية والصادر عن مجلس محافظي البنك المركزي العماني نجد أن الفقرة الثانية من هذه المادة قد اعتبرت وبشكل صريح العملات الرقمية والافتراضية عملات لا تعد من قبيل النقود الإلكترونية.

لذا فإذا قررت التعدين أو التداول بالعملات المشفرة في سلطنة عمان، فتذكر أنه قرار على مسؤوليتك الشخصية وأنه لا أحد يحميك.

ما هو الفارق بين العملة الرقمية والعملة الإلكترونية؟:

لكن لمزيد من التوضيح، لعله سيكون من المفيد بيان الفارق بين النقود الرقمية والنقود الإلكترونية في القانون العماني.

  • النقود الإلكترونية هي نقود حقيقية مثل: (الدولار، اليورو، الريال السعودي أو العماني) يتم تحويلها إلى وحدات إلكترونية، في حين أن العملات الرقمية لا تمثل أي عملة وغير مغطاة بأي عملة حقيقية.
مثال على النقود الإلكترونية: النقود التي تتواجد في بطاقات الدفع الإلكترونية، أو تطبيقات الدفع الإلكترونية.

هل هناك عقوبة على تعدين أو استخدام البيتكوين أو العملات المشفرة في القانون العماني؟:

هل البيتكوين قانوني في عمان؟.
لا نقصد تحطيم معنوياتك .. لكن هناك أراء فقهية معتبرة تحرم العملات الرقمية المشفرة علاوة على الصعوبة الشديدة عمليا من أجل تعدين ولو عملة واحدة، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج.

الحقيقة أنه للإجابة على هذا السؤال بشكل قانوني دقيق، نحتاج إلي توضيح بعضا من النقاط خطوة بخطوة.

في البداية فلا يوجد أي نص في أي قانون في سلطنة عمان يعاقب على فعل ((تعدين)) البيتكوين أو أيا من العملات المشفرة الأخرى.

وبناء على نص المادة الثالثة من قانون الجزاء العماني فإنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون.

وبالتالي فإن تعدين البيتكوين قانوني في عمان.

لكن، وهنا نقف منتبهين إلى:

أن التعدين فقط هو الغير معاقب عليه، أما إذا قمت باستخدام ما قمت بتعدينه وبيعه على سبيل المثال فإنك هنا تقع في المحظور قانونا.

ببساطة لأنك في هذه الحالة ستقع تحت طائلة نص المادة رقم ٥٦ من قانون نظم المدفوعات الوطنية، والتي تنص على: ((يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف ريال عماني، ولا تزيد على خمسين ألف ريال عماني كل من يزاول نشاطا يخضع لأحكام هذا القانون دون الحصول على ترخيص بذلك على النحو الوارد في هذا القانون)).

هذا، ويترك أمر تحديد العقوبة المناسبة بين الحد الأقصى والأدنى للعقوبة المنصوص عليها في النص، للمحكمة التي تنظر القضية حسب ظروف كل حالة.

وكما أسلفنا، فإن العملات الرقمية المشفرة لا تعد نقدا مقبولا في السلطنة العمانية أصلا، لذا فلن تتمكن من الحصول على ترخيص بشأنها، وبالتالي ستطبق عليك العقوبة التي أوضحناها.

كذلك فإنك لن تجد أي وسيلة لاستغلالها مثلا في التجارة أو سداد فواتيرك أو دفع الأموال داخل السلطنة، ببساطة لأنها غير مرخصة.

أما إذا قمت بإستخدام البيتكوين أو أي عملة رقمية مشفرة أخرى في أي عملية تداول خارج سلطنة عمان، فهذا الأمر قد يخرج عن دائرة التجريم، لكنك ببساطة لن تكون مشمولا بالحماية إذا ما تعرضت للاحتيال على سبيل المثال.

وفي هذا الصدد بالتحديد كان أحد البيانات التحذيرية الصادرة عن البنك المركزي العماني بشأن العملات الرقمية المشفرة قد قال نصا: ((إن كل من يتعامل من الافراد المستخدمين أو المالكين أو المتاجرين للعملات الرقمية المشفرة وما شابهها قد يعرضون أنفسهم لمخاطر مالية وتشغيلية وقانونية وأمنية، بالإضافة إلى عدم وجود حماية للمستهلك / الزبائن على مثل هذه التداولات)).

لكن وعلى أرض الواقع، فمن الصعب جدا بالنسبة للأفراد أن يقوموا بتعدين العملات الرقمية لأنها تحتاج إلى فترات طويلة وكمية كبيرة من الكهرباء من أجل صناعة عملة رقمية مشفرة واحدة، خصوصا أن أسعار الكهرباء في عمان ليست رخيصة بل تعتبر أقرب إلى المتوسطة.

تعقيب من (القانون في الخليج) على الوضع القانوني للعملات الرقمية في عمان:

وفي النهاية، فإننا لا ننصح باستخدام العملات الرقمية إذا كنتم داخل سلطنة عمان.

ذلك لأن معظم صور استخدامها داخل سلطنة عمان اما تعرضكم للمسائلة القانونية وإما على الأقل لن تتمكنوا من الانتفاع بها داخل السلطنة.

هذا كله بخلاف التقلبات الشديدة في أسعارها، وما يرتبط من فقدان المتعاملين بها للحماية القانونية.

بخلاف كل ما سبق فقد أفتى كثير من العلماء (وهذا رأي الأزهر الشريف) بأن ما بها من غرر وضرر وجهالة وغش يجعل من غير المباح شرعا التعامل بها.

لأي استشارات بشأن تعدين وتداول العملات المشفرة في سلطنة عمان .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.

وفي الختام سلام..
القانون في الخليج
القانون في الخليج
القانون في الخليج هي منصة إلكترونية صنعت خصيصا للتوفير المعلومات القانونية الدقيقة والموثوقة لكافة العاملين بالقانون وحتى الأفراد العاديين في دول الخليج العربي. إذا كنت إستاذا في القانون، قاضيا، محاميا، أو حتى قارئ عادي فستوفر لك القانون في الخليج المعلومة القانونية التي تحتاجها وفورا.
تعليقات