جريمة السحر والشعوذة في القانون العماني

الكاتب: القانون في الخليج تاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال: تقرير شامل عن جرائم السحر والشعوذة والدجل في القانون العماني

((وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)).

هذه الآية الكريمة رقم ١٠٢ من سورة البقرة، تحدثنا عن السحر، تاريخه، وأين تعلمه الإنسان، ومن علمه، وبعض استخداماته، وأنه لن يضر أحدا إلا بإذن اللَّهُ، وأن من يمارسه فقد كفر في الدنيا وخسر الآخرة.

الملفت أن القوانين العمانية قد جاءت خالية تماما من ذكر جريمة السحر أو أي عقوبة لها بشكل صريح.

لكن مهلا، فهذا لا يعني أن السحر لا يعد جريمة يعاقب عليها القانون في سلطنة عمان .. وهذا ما سنوضحه في هذا التقرير من ((القانون في الخليج)).

هل السحر جريمة يعاقب عليها القانون العماني؟:

ممارسة الدجل والشعوذة في القانون العماني
منشور من شرطة عمان السلطانية يحذر من التعامل مع السحرة والدجالين والمشعوذين.

في حين أنه وكما قلنا لا يوجد نص صريح مخصص لجريمة السحر في القوانين العمانية، إلا أنه يعد صورة من صور ((الاحتيال)) المعاقب عليها قانونا بموجب قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧ لسنة ٢٠١٨، وبالتحديد المادة رقم ٣٤٩ منه.

ما هي عقوبة السحر في القانون العماني؟:

بما أن السحر قد أخذ تصنيف جريمة الاحتيال في القانون العماني، فإنه يعاقب عليه بنفس العقوبة المقررة لها، وهي السجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ولا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تقل عن ١٠٠ ريال عماني، ولا تزيد على ثلاث مائة ريال عماني، أو بإحدي هاتين العقوبتين.

والملاحظ هنا أن النص قد ترك للقاضي الحق في أن يجمع بين عقوبتي السجن والغرامة، وأن يكتفي بواحدة منهما دون الأخرى، وذلك على حسب حالة كل قضية، وإن كنا ندعو كل قاضي تعرض عليه قضايا السحر والشعوذة أن لا تأخذه رأفة بهؤلاء المجرمين ويحكم بأقصى عقوبة ممكنة.

هذا ولا يمنع هذا العقاب أن يقوم المجني عليه في جريمة السحر باستعمال حقه المنصوص عليه في المادة رقم ٢٠ من قانون الإجراءات الجزائية العماني.

كذلك، فإننا نشد على يد القائمين على إنفاذ القانون في السلطنة، سواء رجال شرطة عمان السلطانية أو الإدعاء العام أو القضاء، أن يبحثوا في الجرائم التي ترتكب على خلفية وبمناسبة جريمة السحر.

إذ كثيرا ما يقوم السحرة والدجالين والمشعوذين باستغلال من يأتي إليهم وخصوصا من النساء، استغلالا جسديا ويتورطن معهم في جرائم الزنا والخيانة الزوجية، وذلك كما حدث في إحدي القضايا بمحافظة مسقط في مارس عام ٢٠٢١.

كيف يمكنك تقديم شكوى ضد ساحر في عمان؟:

إذا كنت ضحية جريمة سحر، أو إذا كنت تعرف بوجود ساحر أو مشعوذ أو دجال في المنطقة التي تقيم فيها، فتوجه فورا إلي مركز الشرطة الأقرب لك وقم بتقديم شكوى شفهية أو كتابية ((حسب نص المادة ٥ من قانون الإجراءات الجزائية العماني)).

ويتم تقديم هذه الشكوى بشكل حصري إلي أحد مأموري الضبط القضائي ((أي الشرطة)) أو ((الادعاء العام))، ثم يتم البدء في إجراءات التحقيق ((مادة ٦: قانون الإجراءات الجزائية العماني)).

إذ تمنح تلك المادة كل من ((قد أصابه ضرر شخصي مباشر بسبب الجريمة أن يرفع دعوى بحقه المدني أمام المحكمة التي تنظر الدعوى العمومية في أية حالة كانت عليها إلى أن يقفل باب المرافعة بوصفه مدعيا منضما في الدعوى العمومية)).

اثبات جريمة السحر في سلطنة عمان:

كان من الآثار السلبية لعدم تجريم السحر في القانون العماني بنص خاص، أنه ترك الأمر مفتوحا، فلم يضع له تعريفا تستطيع المحاكم والعاملين بالقانون اللجوء إليه عند تعرضهم لتلك القضايا.

ومع ذلك، فقد جمعنا لكم بعض الصور التي يمكن أن تدخل تحتها جريمة السحر في عمان، ويمكنكم من خلالها إثبات وقوعها:

ما هي عقوبة الساحر والمشعوذ في القانون العماني؟.
مضبوطات ضبطتها شرطة عمان السلطانية بحوزة متهمين في جريمة الشعوذة.

  1. أي قول أو فعل أو إشارة يخالف الشريعة الإسلامية ويؤثر على بدن شخص أو نفسه.
  2. إدعاء علم الغيب أو معرفة الأسرار أو الإخبار عما في الضمير بأي وسيلة كانت بقصد استغلال الناس.
  3. عمل الطلاسم أو ما يسمي "الأعمال" بهدف إلحاق الضرر والإيذاء بشخص أو أكثر.
  4. بعض الممارسات التي أصبحت منتشرة في وقتنا هذا والتي تحمل أسماء براقة ولامعة تخفي ما ورائها من إستعانة بالشياطين مثل "العلاج بالطاقة – تنظيف الشاكرات – طاقة الإنثي – الشاكتي – تنشيط الرحم – قانون الجذب – توأم الشعلة"، وغيرها من تلك الممارسات التي يمارسها أو يعلمها سحرة أو دجالين أو مشعوذين لكن بثوب جديد ومختلف عن السحرة التقليديين بهدف خداع الناس الذين يرفضون السحر في المبدأ، فيدخل لهم هؤلاء من هذا الباب (( من أفضل من كشف حقيقة هؤلاء هو طبيب مصري يدعي "هيثم طلعت" ويمكنكم مشاهدة قناته على اليوتيوب إذا اردتم فهم كامل لحقيقة هذه الممارسات))، وقد سبق لشرطة عمان السلطانية القبض في نوفمبر ٢٠٢١ على مواطن ومقيمين إثنين من جنسيات آسيوية يقومان بإدعاء القدرة على ((العلاج الروحاني)) في منطقة جنوب الباطنة.
  5. من يقوم بتسخير الجن والشياطين أو التعامل معهم.
  6. أمور مثل جلب الحبيب – فتح النصيب – فك السحر – توسيع الرزق – رد المطلقة، وقد سبق لشرطة عمان السلطانية القبض على رجل وامرأة من جنسية أفريقية، أوهما أحد الأشخاص بقدرتهم على مضاعفة الأموال باستخدام الشعوذة، وذلك بتاريخ أبريل عام ٢٠١٩، في منطقة العذيبة.
  7. قد يصل الأمر إلي حد قتل المسحور (وهنا نصبح أمام جريمة قتل ولها عقوبة مستقلة عن جريمة السحر أو الاستعانة بساحر). ويمكنكم في هذا الصدد الإطلاع على تقريرنا: ((جريمة القتل في القانون العماني .. ملف شامل)).
  8. منع الرجل والتأثير على قدرته على معاشرة زوجته أو العكس.
  9. التفريق بين الزوجين.
  10. تحبيب رجل معين في إمراة معينة استعانت بساحر أو العكس.

تعليق على عقوبة السحر في قانون الجزاء العماني:

إننا في ((القانون في الخليج)) ندعو المشرع العماني إلي إما إصدار قانون خاص يجرم جرائم السحر والشعوذة والدجل، وإما بتعديل قانون الجزاء بتخصيص نص خاص بها، مع الحرص على تشديد العقوبة المقررة لها عن العقوبة المقررة لجريمة الاحتيال.

أيضا فإن النص الحالي يشوبه عيب خطير وهو أنه لم يجرم جريمة ((اللجوء إلى الساحر)) والتي تعاقب ليس فقط من يقومون بممارسة جريمة السحر بل من يذهبون إليهم ويستعينون بهم.

إن وجود نص يعاقب الذين يذهبون إلي السحرة للإضرار بالناس، سيمنع ولو نسبة من هؤلاء من الإقدام على تلك الخطوة، وهذا بمفرده سبب كافي للغاية لوضع هذا التشريع أو التعديل القانوني.

المثير للدهشة، أنه ووفقا للتصنيف القانوني الحالي لجريمة السحر والشعوذة في القانون العماني، فإن المتعاملين مع الساحر أو المشعوذ، والذين يأتون إليه يطلبون إيذاء الناس يصنفون باعتبارهم ((مجني عليهم)) وذلك لأن الساحر يحصل منهم على المنفعة.

كيف يمكنني أن أشتكي علي ساحر في سلطنة عمان؟
بخلاف تلقيها البلاغات عن جرائم السحر والشعوذة والدجل، تختص شرطة عمان السلطانية بإجراء البحث عن المتورطين في تلك الأفعال.

وبخلاف أن هذا لا يستقيم حتى من ناحية ((المنطق القانوني)) الذي يعاقب كل من أراد إلحاق الضرر والأذى بغيره، فإنه حتى يتعارض وبشكل صريح مع حديث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الذي قال فيه؛ ((من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ)).

أما إذا قيل أن السبب وراء أن القانون العماني لا يعاقب من يذهب إلي السحرة تشجيعا لهم للإبلاغ عن السحرة وهم آمنين من أنهم لن ينالهم العقاب القانوني، فهذه حجة واهية، ومردود عليها بثلاثة ردود:

  1. أن مسألة كشف السحرة والدجالين والمشعوذين هي من اختصاص شرطة عمان السلطانية والتي يجب أن تقوم بواجبها في هذا الصدد.
  2. أن الناس العاديين الذين يتصل علمهم بوجود ساحر أو مشعوذ في مكان ما، عليهم إبلاغ الشرطة.
  3. أنه في غالب الأحيان يمتنع من يذهب إلي الساحر أو المشعوذ عن الإبلاغ عنه لخشيته من افتضاح أمره وأنه كان يسعي لصنع سحر لغيره.

كذلك، فإننا إذا كنا أمام حالة تم فيها السحر ضد أحد الأشخاص، وهداه الله إلي معرفة الساحر ومعرفة من ذهب إليه ليسحره .. ثم قام بالذهاب وتقديم شكوى، فكيف سنعتبر هنا أن الشخص الذي ذهب إلي الساحر وطلب منه إعداد السحر هو أيضا مجني عليه؟!!.

كذلك حالة إذا تم القبض على ساحر أو مشعوذ أو دجال واعترف بقيامه بعمل طلاسم أو أسحار لأشخاص معينين، فهل نعتبرهم أيضا ((مجني عليهم؟)).

إن مبادىء الحق والخير والعدالة تقول أنه يجب معاقبتهم بنفس عقوبة الساحر، بل وأن يكون من حق المجني عليهم رفع دعوى تعويض ضدهم بعد ذلك، وهذا أيضا لا يتأتي إلا بتجريم صريح في نصوص القانون العماني.

نحن فقط قد نتفهم أن يعتبر القانون أن من يذهب إلي الساحر أو المشعوذ أو الدجال وهو ((حسن النية)) ظنا منه أنه معالج بالقران، فهذا يعتبر ((مجني عليه)) أما من يذهب بقصد إلحاق الضرر بالآخرين، فهذا عوار نتمني تداركه في قانون الجزاء العماني.

ولنضيف فوق ذلك أن نص جريمة الاحتيال المطبق على جريمة السحر حاليا في عمان يعرفها بأنها ((حصل من الغير على نفع غير مشروع لنفسه أو للآخرين باستعماله إحدى طرق الاحتيال، أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة)) وهذا ما قد يفتح الباب أمام الساحر للإفلات بجريمته إذا لم يتم إثبات أنه قد تقاضي نفع له أو لغيره.

لكننا هنا، ننبه السادة في شرطة عمان السلطانية وفي الإدعاء العام وحتى في القضاء إلي ضرورة الإنتباه إلي نص المادة ٣٥٣ من قانون الجزاء العماني والتي تنص على: ((يعاقب على الشروع في الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل، بما لا يجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة)).

فهذه المادة تجعل من الممكن عقاب الساحر أو المشعوذ أو الدجال حتى ولو لم يتقاضي مقابل أو يحصل على منفعة، وذلك بنصف العقوبة لتصبح ((السجن مدة لا تقل عن شهر ونصف، ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن ٥٠ ريال عماني، ولا تزيد على ١٥٠ ريال عماني)).

لكل هذه الأسباب، نعيد تكرار دعوتنا إلي المشرع العماني بتدارك هذا الأمر، والاقتضاء مثلا بالمشرع الإماراتي الذي يجرم السحر والشعوذة بشكل صريح ((يمكنكم الإطلاع على تقريرنا: جريمة السحر في القانون الإماراتي))، وكذلك هو الحال في المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية.

لأي استشارات بشأن قضايا السحر والشعوذة في سلطنة عمان .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.

وفي الختام سلام..

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

56896666280573821

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث