جريمة السحر والشعوذة في القانون البحريني

الكاتب: القانون في الخليج تاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال: جريمة السحر والشعوذة في القانون البحريني

عندما نتحدث عن جرائم السحر والشعوذة، فإننا نتحدث عن واحدة من أخطر الجرائم، ليست في القانون البحريني فقط، بل في الكثير من التشريعات في مختلف دول العالم.

بداية من طريقة إرتكابها، ووصولا إلى آثارها المدمرة والتي قد تسبب أضرارا بالغة للمجني عليه تستمر معه لفترة طويلة من الزمن، بل قد تصل إلي حد القتل، وما قد يلحق بمن يذهب للاستعانة بالسحرة أنفسهم من أضرار مثل الاحتيال عليه أو سرقته أو حتى اغتصاب النسوة منهن.

من يرتكبها (سواء كان ساحر أو مشعوذ أو حتى شخص عادي يذهب للاستعانة بهؤلاء) هو تعبير عن نفس آثمة لا تتردد في فعل اي شئ من أجل تحقيق أهدافها.

في هذا التقرير من (القانون في الخليج) نقدم لمتابعينا الأعزاء كيف تعامل قانون العقوبات البحريني مع جريمة السحر؟.

هل السحر جريمة يعاقب عليها القانون البحريني؟:

جريمة السحر في القانون البحريني
يعتبر السحر جريمة معاقب عليها قانونا في البحرين، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، يظهر بها إلقاء القبض على أحد السحرة، صورة خاصة بالقانون في الخليج.

الإجابة هي ((نعم)).

إذ نصت المادة ٣١٠ مكرر من قانون العقوبات البحريني على: ((يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدي هاتين العقوبتين كل من زاول على سبيل الاحتراف والتكسب أيا من أعمال السحر أو الشعوذة أو العرافة، ويعد من هذه الأعمال الأتيان بأفعال أو التلفظ بأقوال أو استخدام وسائل القصد منها إيهام المجني عليه بالقدرة على إخباره عن المغيبات أو إخباره عما في الضمير أو تحقيق حاجة أو رغبة أو نفع أو ضرر بالمخالفة للثوابت العلمية والشرعية)).

هذه السطور الثمانية التي جرم فيها المشرع البحريني جرائم السحر والشعوذة والعرافة، يمكن أن نستخلص منها العديد من النقاط الهامة.

فمن حيث العقوبة اقتصر النص على قول: ((يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدي هاتين العقوبتين))، ما يجعلها تدخل ضمن طائفة ((الجنح)).

وطالما لم يحدد النص مدة زمنية دقيقة للحبس أو مبلغ معين للغرامة، فإننا نرجع للقواعد العامة لتحديدها والمنصوص عليها كذلك في قانون العقوبات البحريني الصادر بالمرسوم بقانون رقم ١٥ لسنة ١٩٧٦.

إذ حددت المادة ٥٤ منه الحبس بأن حده الأدنى لا يقل عن ١٠ أيام، ولا يزيد حده الأقصى على ثلاث سنين.

أما الغرامة فبموجب المادة ٥٦ لا تقل عن ١٠ دنانير، ولا يزيد حدها الأقصى في الجنح على ٥٠٠ دينار.

هذا، وقد ترك النص للقاضي حرية الجمع بين عقوبتي الحبس والغرامة أو الاكتفاء بواحدة منهما دون الأخرى، وذلك وفقا لظروف كل حالة.

والحقيقة أننا نعتقد أن هذه العقوبات (غير رادعة) مما ساهم في إنتشار جريمة السحر في البحرين، بل إلي وجود أوكار لممارستها، بل إن حتى المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي أصبحت تنتشر فيها تلك الأفعال.

لذا فإننا ندعو إلى تشديد عقوبة السحر في البحرين، وجعل هذه الجريمة من ((الجنايات)) وليس من ((الجنح)) كما هي في وصفها الحالي.

شرط الأحتراف والتكسب لعقوبة من يعمل السحر:

الملاحظ أيضا في نص المادة ٣١٠ مكرر عقوبات بحريني أنها أشترطت أن يكون مزاولة أعمال السحر أو الشعوذة أو العرافة ((على سبيل الاحتراف والتكسب)).

وهذا أيضا شرط نعتقد أنه يحتاج إلي التعديل، إذ يعفي من العقوبة من يزاول السحر على فترات متباعدة دون أن يكون ذلك سبيله للكسب، بل يعمل في وظيفة أخرى، وبين الحين والآخر يقوم بشيء من أعمال السحر.

والحقيقة أن هذا الشرط لا يتماشي مع طبيعة أن جريمة السحر ينتج عنها ضرر، وطالما أضر شخص بآخر وجب عقابه، سواء كان يفعل هذا الضرر على سبيل الاحتراف والتكسب ام لا.

فليس من المنطقي مثلا أن نقول أن شخصا ما قتل آخر، فلا نعاقبه لأنه ليس قاتلا محترفا، أو شخصا آخر زنا وتم إثبات الأمر عليه، ثم نقول لا عقوبة عليه، لأنه لا يزني على سبيل الاحتراف ((طالع من هنا تقريرنا عن جريمة الزنا في القانون البحريني)).

صور جريمة السحر:

إذا ما عدنا إلى نص المادة ٣١٠ مكرر من قانون العقوبات البحريني، وجدنا ما يمكن أن نعتبره تعريفا للسحر والشعوذة من منظور القانون البحريني، إذ قالت: ((ويعد من هذه الأعمال الأتيان بأفعال أو التلفظ بأقوال أو استخدام وسائل القصد منها إيهام المجني عليه بالقدرة على إخباره عن المغيبات أو إخباره عما في الضمير أو تحقيق حاجة أو رغبة أو نفع أو ضرر بالمخالفة للثوابت العلمية والشرعية)).

هذا التعريف يجعل المجال واسعا، لنذكر على سبيل المثال لا الحصر، بعضا من الصور المتعددة لجريمتي السحر والشعوذة بموجب أحكام القانون البحريني.

الشعوذة في القانون البحريني
أصبح هناك حاليا سحرة يرتدون الملابس الأنيقة ويتخذون أسماء براقة مثل المعالجين بالطاقة، الصورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copiolt، خاصة بالمعرفة للدراسات، حصلت عليها القانون في الخليج على سبيل المجاملة.
  1. أي قول أو فعل أو إشارة يخالف الشريعة الإسلامية ويؤثر على بدن شخص أو نفسه.
  2. إدعاء علم الغيب أو معرفة الأسرار أو الإخبار عما في الضمير بأي وسيلة كانت بقصد استغلال الناس.
  3. عمل الطلاسم أو ما يسمي "الأعمال" بهدف إلحاق الضرر والإيذاء بشخص أو أكثر.
  4. بعض الممارسات التي أصبحت منتشرة في وقتنا هذا والتي تحمل أسماء براقة ولامعة تخفي ما ورائها من إستعانة بالشياطين مثل "العلاج بالطاقة – تنظيف الشاكرات – طاقة الإنثي – الشاكتي – تنشيط الرحم – قانون الجذب – توأم الشعلة"، وغيرها من تلك الممارسات التي يمارسها أو يعلمها سحرة أو دجالين أو مشعوذين لكن بثوب جديد ومختلف عن السحرة التقليديين بهدف خداع الناس الذين يرفضون السحر في المبدأ، فيدخل لهم هؤلاء من هذا الباب (( من أفضل من كشف حقيقة هؤلاء هو طبيب مصري يدعي "هيثم طلعت" ويمكنكم مشاهدة قناته على اليوتيوب إذا اردتم فهم كامل لحقيقة هذه الممارسات)).
  5. من يقوم بتسخير الجن والشياطين أو التعامل معهم.
  6. أمور مثل جلب الحبيب – فتح النصيب – فك السحر – توسيع الرزق – رد المطلقة.
  7. قد يصل الأمر إلي حد قتل المسحور (وهنا نصبح أمام جريمة قتل ولها عقوبة مستقلة عن جريمة السحر أو الاستعانة بساحر).
  8. منع الرجل والتأثير على قدرته على معاشرة زوجته أو العكس.
  9. التفريق بين الزوجين.
  10. تحبيب رجل معين في إمراة معينة استعانت بساحر أو العكس.

أحكام قضائية في قضايا السحر في البحرين:

  • القضية الأولى: الحكم على ساحرة بحرينية:

لدينا في هذا الصدد حكم شهير صدر في ديسمبر من العام ٢٠١٢ عن الدائرة الجنائية الثالثة بالمحكمة الكبرى البحرينية بتأييد إدانة بحرينية لارتكابها أعمال السحر والشعوذة مقابل مبالغ مالية كبيرة.

بدأت هذه القضية ببلاغ من سيدتين بحرينيتين قالا فيه أنهما ذهبا إلى سيدة خمسينية للعلاج بالقرآن الكريم، لكنهما اكتشفا أنها تمارس طقوس سحرية وأعطتهما طلاسم وأحجبة بمبالغ تراوحت بين ٢٥٠ و ٣٠٠ دينار بحريني في الجلسة الواحدة.

عوقبت هذه المتهمة بالحبس لمدة ٦ شهور، ولكن لو لاحظنا في اعترافاتها أمام النيابة العامة، فقد حاولت استغلال ما أشرنا إليه من ضرورة عدم اشتراط الاحتراف والتكسب لعقاب مرتكب جريمة السحر، حينما قالت أنها تعالج لوجه الله دون اشتراط مبالغ معينة.

  • القضية الثانية: الحكم على مشعوذ:

في هذه القضية رفضت (محكمة التمييز البحرينية) طعنا تقدم به متهم شريك مع متهم آخر بإرتكاب جريمة الشعوذة والاحتيال ومزاولة أعمال السحر.

وأيدت المحكمة حكم حبسه لمدة سنتين مع دفع مبلغ ٥ آلاف دينار بحريني كغرامة.

في تلك القضية نجح المتهمان في إيهام المجني عليها بأن أحدهما (معالج روحاني) وتحصلا منها على مبالغ مالية وصل مجموعها إلى ما يزيد عن ٣٠ ألف دينار، ومصوغات ذهبية بنفس القيمة، بالإضافة إلى سيارتين تفوق قيمتهما الخمسة آلاف دينار، وسند ملكية أرض تفوق قيمتها ٤٨ ألف دينار بحريني.

  • القضية الثالثة: الاحتيال بالسحر والشعوذة:

في مايو من عام ٢٠٢٤، أصدرت المحكمة الصغرى الجنائية حكما بالحبس لمدة ٣ سنوات على متهمين اثنين، مع تغريم كل منهما مبلغ ٥ آلاف دينار، وذلك عقوبة لهما على إرتكاب جرائم الاحتيال ومزاولة أعمال السحر والشعوذة بغرض التكسب.

ولعل هنا نلاحظ أن المحكمة قد قضت بغرامة خمسة آلاف دينار بالرغم من أن جريمة السحر غرامتها في القانون البحريني يجب أن لا تتجاوز ٥٠٠ دينار

السبب وراء ذلك أن هذين المتهمين وجهت إليهما أيضا تهمة ((الاحتيال)) وغرامتها بموجب المادة ٣٩١ من قانون العقوبات البحريني لا تجاوز خمسة آلاف دينار.

وكانت وقائع هذه الجريمة تعود إلي احتيال أحد المتهمين على سيدة والحصول منها على مبالغ مالية مدعيا أنه شيخ دين له قدرات خاصة وسيساعدها في حل مشكلات كانت تمر بها مع زوجها وأبنائها، وساعده المتهم الثاني في إيهام المجني عليها بذلك.

تعقيب على نص تجريم السحر في القانون البحريني:

من نقاط الضعف الواضحة في المادة ٣١٠ مكرر من قانون العقوبات البحريني، أنها جرمت فقط جريمة السحر والشعوذة، لكنها لم تتطرق إلى من يلجأ إلى السحرة والمشعوذين.

إذ أن السحر أو الشعوذة في الغالبية الكاسحة من الحالات، عبارة عن شخص يذهب إلى الساحر أو المشعوذ، ويطلب منه إيذاء شخص آخر أو التأثير عليه، فلا سحر إلا بناء على طلب ممن يريد حدوثه.

شريك في جريمة السحر في البحرين
تري القانون في الخليج ضرورة معاقبة من يذهب إلي السحرة للإضرار بالغير باعتباره (شريكا في الجريمة)، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج.

وهذا من وجهة النظر القانونية يعتبر ((شريكا في الجريمة)).

لذا كان من اللازم أيضا أن ينص قانون العقوبات البحريني على نص خاص بعقوبة لهؤلاء، بل وأن يتاح للمجني عليهم بعد ذلك رفع دعوى تعويض عليهم لمطالبتهم بدفع تعويض عما لحق بهم من أضرار جراء السحر ((طالع من هنا تقريرنا: كل أحكام التعويض في القانون المدني البحريني)).

فمن يذهب إلى السحرة والمشعوذين والدجالين هم إناس لا يخافون الله، ووجب إنزال العقاب عليهم، لعل هذا يردعهم، وهذه دعوة من ((القانون في الخليج)) إلي مجلس النواب البحريني لفعل ذلك، خصوصا أننا نسمع أخبار بين الحين والآخر عن تغليظ عقوبة السحر في البحرين، لكن لم نري شيئا قد تحقق حتى الآن.

فقط يمكن استثناء حالة من يذهب إلى ساحر أو مشعوذ على سبيل الخطأ، وهو يظن أنه راقي شرعي أو معالج بالقرآن الكريم ثم يكتشف حقيقته فيما بعد، كما حدث في المثال الأول من القضايا التي عرضناها لكم.

إن إنتشار جريمة السحر ورغبة الكثيرين في حل مشاكلهم بتلك الطريقة إنما يعود إلي البعد عن الدين والإيمان، ولا يجب مقابلة ذلك إلا بالعقاب.

المساهمة الجنائية في جريمة السحر في القانون البحريني:

لذا، وبناء على ما تقدم، فإن ((القانون في الخليج)) تدعو كل رجال القضاء والنيابة العامة والشرطة البحرينية إلي تفعيل أحكام الفصل السابع من الباب الثاني من قانون العقوبات البحريني والتي تتحدث في ((المساهمة الجنائية)) واعتبار كل من يذهب إلي ساحر أو مشعوذ أو دجال طالبا عونه شريكا في الجريمة.

وقد نصت المادة ٤٥ من قانون العقوبات البحريني على معاقبة الشريك بالعقوبة المقررة للجريمة في القانون، فيعاقب بنفس عقوبة الفاعل الأصلي لها.

لأي استشارات بشأن قضايا السحر والشعوذة في البحرين .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.

وفي الختام سلام..

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

56896666280573821

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث