جريمة القتل في القانون العماني، أخطر الجرائم وأشدها، ليس في السلطنة فحسب، بل في كل دول العالم وتشريعاتها المختلفة.
وسنتناول في هذا التقرير الصور المتعددة لجريمة القتل في المرسوم السلطاني رقم ٧ لسنة ٢٠١٨ بإصدار قانون الجزاء العماني والمعدل بالمرسوم السلطاني ٦٨ لسنة ٢٠٢٢.
القتل العمد في القانون العماني:
نصت المادة ٣٠١ من قانون الجزاء العماني على: ((يعاقب بالسجن المطلق كل من قتل إنسانا عمدا)).
لكن ما المقصود هنا بالسجن المطلق وما هي مدته؟.
الإجابة على هذا السؤال وردت في آخر ست كلمات من المادة ٥٤ من قانون الجزاء العماني، وهي: ((مدى الحياة إذا كان السجن مطلقا)).
لكن، لنعود الآن إلي نقطة مهمة أخرى في نفس المادة، حين عرفت الإنسان بأنه: ((كل مولود نزل حيا من بطن أمه)).
وهذا يعني أنه لو تم إزهاق روح جنين لم ينزل بعد من بطن أمه بدون مبرر طبي، فإننا نكون بصدد جريمة (إجهاض) وليس جريمة قتل، وهذه لها عقوبة أخرى تتراوح من ٦ شهور وحتى ثلاث سنوات.
القتل إضطرارا أو تحت الإكراه في القانون العماني:
الفقرة الثانية من ذات المادة (٣٠١) من قانون الجزاء العماني تعاملت مع حالة أن يحدث القتل والقاتل في حالة (اضطرار) أو كان (تحت الإكراه).
وهي حين فعلت ذلك فإنها حددت المادة (٥١) من نفس القانون لتكون مرجعا لتحديد حالة الاضطرار أو الإكراه.
إذ تنص هذه المادة على: ((فيما عدا جرائم القتل، لا يعاقب من ارتكب جريمة ألجأته إليها ضرورة وقاية نفسه أو ماله أو عرضه، أو نفس غيره أو ماله أو عرضه من خطر جسيم على وشك الوقوع، ولم يكن لإرادته دخل في حلوله، كما لا يعاقب من ألجئ إلى ارتكاب جريمة بسبب إكراه مادي أو معنوي.
ويشترط في الحالتين السابقتين ألا يكون في مكنة مرتكب الجريمة منع الخطر بوسيلة أخرى، وأن تكون الجريمة بالقدر الضروري لدفعه ومتناسبة معه)).
ولنضرب هنا عدة أمثلة لتوضيح هذه الحالات:
- من كان في حالة أن شخص آخر سيقتله، فقام هو بفتله ليحمي حياته.
- من كان في حالة أن شخص آخر سيسرقه، فقام هو بقتله ليحمي أمواله.
- من كان في حالة أن شخص آخر سيعتدي على زوجته أو ابنته أو إحدي قريباته، فقام هو بقتله ليحمي عرضه.
ويشترط أن يكون لا يوجد أي وسيلة أخرى ليحمي بها نفسه أو ماله أو عرضه إلا بقتل المعتدي.
فما هي العقوبة في مثل هذه الحالات؟.
الفقرة الثانية من المادة ٣٠١ نصت على: ((ويعاقب من قتل مضطرا أو مكرها وفقا لما نصت عليه المادة (٥١) من هذا القانون بالسجن مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد على (٣) ثلاث سنوات)).
والحقيقة أن لنا تعقيب هنا على هذا النص، بأننا نري بأن المشرع العماني قد جانبه الصواب فيه.
ذلك لأن الإنسان الذي يحمي حياته أو حتى عرضه أو ماله، فيقوم بقتل من يحاول قتله أو اغتصاب واحدة من قريباته أو حتى أي سيدة أخرى ولو لم يكن له بها صلة قرابة، ويثبت للمحكمة أنه لم يكن أمامه أي وسيلة أخرى ليدفع المعتدي إلا القتل.
فهذا الرجل ليس بمجرم، ولا ينبغي أبدا عقابه، بل هو شخص تتوافر فيه حالة ((الدفاع الشرعي)) المحمية في القوانين العالمية، وحتى في قوله صلى اللّه عليه وسلم: ((مَن قُتِلَ دون ماله فهو شهيد، ومَن قُتِلَ دون نفسه فهو شهيد، ومَن قُتِلَ دون أهله فهو شهيد)).
لذا فإننا ومن موقعنا هذا، نوجه دعوة لتعديل هذا النص في قانون الجزاء العماني برفع العقوبة على القاتل مضطرا دفاعا عن حياته أو ماله أو عرضه، ويثبت للمحكمة أنه لم يكن أمامه أي طريقة أخرى.
هل يطبق حكم الإعدام في القانون العماني؟ (مادة ٣٠٢ من قانون الجزاء):
كنا قد اتفقنا أن عقوبة القتل العمد في القانون العماني هي السجن المطلق (أي مدى الحياة).
لكن هل هناك حالات تغلظ فيها العقوبة ويتم تطبيق حكم الإعدام فيها؟ .. الحقيقة هي ((نعم)) هناك سبع حالات من حالات القتل الواردة في المادة ٣٠٢ من قانون الجزاء العماني، والذي إذا وقعت واحدة منها كانت عقوبته ((الإعدام)).
وهذه الحالات هي:
- 1- سبق الإصرار أو الترصد:
سبق الإصرار هي أن يكون الجاني قد أتيح له وقت فكر فيه لإرتكاب الجريمة، أما الترصد فهو انتظار الجاني لضحيته في مكان يعتقد أنه مناسب لإرتكاب الجريمة فيها.
- 2- إذا وقع القتل على أحد أصول الجاني:
الأصول هم الأب والأم، والجد لاب والجد لأم وإن علوا، والجدة لأب والجدة لأم وإن علوا.
- 3- إذا وقع القتل باستخدام التعذيب أو مادة سامة أو متفجرة:
وذلك لأنها وسائل تنم عن نفس جاني تتصف بالخسة أو الغدر.
- 4- إذا كان القتل تمهيدا لجناية أو جنحة، أو مقترنا أو مرتبطا بهما:
كمن يريد ارتكاب جريمة سرقة منزل أو مزرعة شخص معين، فيقوم بقتله لكي يستطيع ذلك، سواء كان قد خطط لقتله ام لا.
- 5- إذا وقع القتل على موظف عام في أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأديه وظيفته:
كمن كان يحمل مخدرات على سبيل المثال وخشي من أن أحد الضباط سيقوم بتفتيشه والقبض عليه، فيقوم بقتله.
- 6- لسبب دنيء:
مثل من قتل شخص ليسرق منه ريال أو ريالين.
- 7- على شخصين أو أكثر:
وذلك لأن جريمة مثل هذه تكشف عن خطورة إجرامية كبيرة لدي الفاعل.
عقوبة جريمة القتل حال "قبول الدية":
أعطي المشرع العماني في نفس المادة (٣٠٢ من قانون الجزاء) الحق لأهل القتيل في قبول الدية.
في هذه الحالة يكون أهل القتيل قد حصلوا على تعويض عن حقهم، وبالمناسبة ففي الواقع العملي قد يعفوا أهل القتيل بدون دية، هذا ويستمر حق ولي الدم في العفو أو قبول الدية في أي مرحلة من مراحل الدعوى وحتى تنفيذ حكم الاعدام.
لكن يبقي حق المجتمع، لذا فإن محاكمة القاتل تستمر، لكن تستبدل عقوبة الاعدام بعقوبة السجن المطلق أو السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن ١٥ سنة.
إرسال تعليق