كل شيء عن جريمة الدعارة في السعودية .. وما هي عقوبتها؟

تلقب جريمة الدعارة بأنها ((أقدم مهنة في العالم)).

هذه الجريمة التي لها من الآثار المدمرة الكثير، فهي السبب في تفشي العديد من الأمراض الخطيرة، علاوة على اختلاط الأنساب، وزد على ذلك ضياع الحياء والأخلاق.

وزارة الداخلية هي المسؤولة عن إلقاء القبض على المتورطين في جرائم الدعارة في السعودية، شعار وزارة الداخلية السعودية، استخدام عادل.

إنها ذاتها المحرمة تحريما قطعيا وواضحا في الدين الإسلامي بل وفي الديانتين المسيحية واليهودية أيضا.

نلقي الضوء في هذا التقرير على جريمة الدعارة في النظام القانوني السعودي.

تجريم الدعارة في السعودية:

لم يصدر قانون مخصص في السعودية يتعامل مع جريمة الدعارة، ولكن تم تضمين ذلك في ((نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص)).

وذلك في المادة الثانية منه التي تنص على:
((يحظر الاتجار بأي شخص بأي شكل من الأشكال بما في ذلك إكراهه أو تهديده أو الاحتيال عليه أو خداعه أو خطفه، أو استغلال الوظيفة أو النفوذ، أو إساءة استعمال سلطة ما عليه، أو استغلال ضعفه، أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا أو تلقيها لنيل موافقة شخص له سيطرة على آخر من أجل الاعتداء الجنسي ...)).

وهذا النص جاء شاملا للعديد من الصور التي يتم من خلالها استدراج الفتيات أو السيدات لممارسة الدعارة:

• - الإكراه:

وصور الإكراه هنا عديدة، فتمارس الفتاة الدعارة وهي مكرهة غير راضية، وقد قال تعالى: ((ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم)) {سورة النور: ٣٣}.

وقال بعض المفسرين أن هذه الآية الكريمة نزلت في رأس المنافقين (عبد الله بن سلول) الذي كان يكره جاريتان له هما (معاذة ومسيكة) على البغاء.

• - التهديد:

من حالات التهديد هنا أن يكون الشخص الذي يجبر الفتاة على الدعارة يملك ما يهدد به المجني عليها.

ومن الأمثلة البارزة على ذلك، ما كثر التحذير منه من إرسال صور فاضحة لأشخاص عبر الإنترنت أو حتى الزنا معهم، وتجدهم بعد ذلك يهددون ضحاياهم.

• - الاحتيال عليه:

كمن يعد الفتاة بوجود عمل أو وظيفة محترمة، ثم تجد غير ذلك، وكثيرا ما يحدث ذلك مع الوافدين إلى السعودية من السيدات والفتيات.

• - الخداع.
• - الخطف.
• -استغلال الوظيفة أو النفوذ.

• - إساءة استعمال سلطة ما عليه:

كمن يجبر موظفة أو عاملة لديه بالسلطة التي يملكها عليها في العمل على ممارسة الدعارة.

• - استغلال ضعفه:

• - إعطاء مبالغ مالية أو مزايا:

وهذه الحالة بالتحديد حتى لا يحتج بالقول برضا السيدة أو الفتاة على ممارسة الدعارة، وأنها تحصل على مبالغ مالية مقابل ذلك، فحتى هذا الشكل من أشكال الدعارة مجرم بموجب القانون السعودي.

وهذه النقطة الأخيرة بالتحديد تفتح الباب أمام النظر في سؤال ((ما هي عقوبة من تمارس الدعارة نفسها إذا كان ذلك برضاها وتحصل على مقابل مالي لذلك)).

عقوبة ممارسة الدعارة في السعودية:

لا يوجد نص في أي نظام قانوني في المملكة يوضح عقوبة ممارسة الفتاة أو المرأة للدعارة.

لذا، وفي مثل هذه الحالات، فإننا نعود إلي الأصل وهو أحكام الشريعة الإسلامية، إذ نص النظام الأساسي للحكم في المملكة، والصادر في عام ١٤١٢ ه‍ / ١٩٩٣ م، في المادة الأولى منه على: ((المملكة العربية السعودية، دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى اللّه عليه وسلم)).

وهكذا فإننا نعود إلي العقوبات المقررة لجريمة ((الزنا)) في الشريعة الإسلامية، والمنصوص عليها في كتابه الحكيم، في قوله تعالى:
((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)) {الآية ٢: سورة النور}.

وفي هذه الآية الكريمة تفصيل، فهي حكم من ارتكب الدعارة أو (الزنا بأي شكل من أشكاله إذا لم يكن محصنا -أي غير متزوج)، فيما أن هناك أحاديث وأقوال من الصحابة وفعل رسول اللّه صلى اللَّه عليه وسلم وخليفته عمر بن الخطاب من بعده (برجم الزاني المتزوج حتى الموت).

عقوبة إدارة أو إعداد بيت للدعارة أو تسهيلها:

لو تتذكرون، فإننا عندما تحدثنا عن من يدير أوكار الدعارة، فقد تحدثنا عن تجريم ذلك في نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، وأوضحنا صوره المختلفة، لكن لسير التقرير بطريقة سهلة، فإننا عرجنا أولا على عقوبة من تمارس الدعارة بإرادتها.

الآن نوضح ما هي العقوبة المنتظرة لمن يقوم بإدارة أو إعداد بيت للدعارة أو تسهيلها، وهي العقوبة التي وردت في المادة ٣ من النظام المذكور، والتي نصت على: ((يعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالأشخاص بالسجن مدة لا تزيد على (خمس عشرة) سنة، أو بغرامة لا تزيد على (مليون) ريال، أو بهما معا)).

ونلاحظ في هذا النص استخدام ((أو)) وكذلك ((أو بهما معا))، إذ يجوز للقضاء أن يحكم بالسجن فقط، أو بالغرامة فقط، أو يجمع بين العقوبتين، وذلك يقدر بحسب كل حالة وظروف كل قضية.

حالات تشديد عقوبة جريمة الدعارة في السعودية:

وضع المشرع السعودي عددا من الحالات التي إذا اقترنت مع جريمة الدعارة فإنها تتسبب في تشديد العقوبة فيها، وهذه الحالات هي:

1. إذا ارتكبت الجريمة عصابة إجرامية منظمة ((وقد عرفها نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، في مادته الأولى بأنها أي جماعة مؤلفة من شخصين أو أكثر تقوم بفعل مدبر لارتكاب جريمة الإتجار بالأشخاص من أجل الحصول -بشكل مباشر أو غير مباشر- على منفعة مادية أو مالية أو غيرها)) ومن أهم صور جريمة الإتجار بالأشخاص ما نتحدث عنه اليوم (الدعارة) .. وقد ساوي هذا التعريف بأن يتلقي من يدير وكر للدعارة المقابل المادي بنفسه أو أن يقبضه من تمارس الفعل وتسلمه له فيما بعد.
2. إذا ارتكبت ضد امرأة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة ((وبالطبع الدعارة يلزمها امرأة .. وهنا الحديث يتحدث عن من يتم إكراهها أو تهديدها، أو أي صورة من صور الإتجار بالأشخاص التي ذكرناها في بداية التقرير)).
3. إذا ارتكبت ضد طفل.

أمثلة من أحكام القضاء السعودي في قضايا الدعارة:

• القضية الأولى:

في هذه القضية تأكيد عملي لما قلناه من أن من ترتكب جريمة الدعارة برضاها وبمقابل مالي يسري عليها القاعدة العامة وهي أحكام الشريعة الإسلامية.

تعود أحداث تلك القضية إلي العام 2014، وقضت فيها ((المحكمة الجزائية بمحافظة الطائف)) بالجلد خمسون جلدة والسجن والترحيل على امرأة مغربية ثبت ممارستها الدعارة.

ولعل المحكمة في هذه القضية، قد استندت إلى شطر من الآية الكريمة رقم ٢٥ من سورة النساء: ((فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)).