جرائم الاحداث في القانون الإماراتي .. وما هي عقوباتها؟

في التشريعات الحديثة تم الحرص على معاملة القاصرين الذين يرتكبون جرائم بشكل مختلف عن المجرمين البالغين، بداية من النصوص التي تعاقبهم، مرورا بالمحكمة التي تحاكمهم، ووصولا حتى إلى طريقة تنفيذ تلك العقوبات.

قانون اتحادي رقم ٦ لسنة ٢٠٢٢ بشأن الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح
يقسم القانون الإماراتي الأحداث إلى أحداث جانحين وأحداث معرضين للجنوح، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copiolt.

وهكذا سار المشرع الإماراتي بإصداره قانون اتحادي رقم ٦ لسنة ٢٠٢٢ بشأن الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح.

إن الهدف من وراء تمييز هذه الفئة هي الرغبة في حمايتهم، بداية من إبعادهم عن المجرمين البالغين حتى لا يتشربوا منهم الإجرام، ولأنهم في غالب الأحيان يكونون ضحايا ظروف إجتماعية أو نفسية دفعتهم لارتكاب هذا الفعل أو ذاك.

وهكذا فإن الهدف من قانون الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح هو إبعاده عن إرتكاب أي جريمة في المستقبل، وإعادة تأهيله حتى يعود فردا صالحا في المجتمع مرة أخرى.

نستعرض في هذا التقرير أهم النقاط القانونية التي تتعلق بجرائم الأحداث في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ما هو الفارق بين الحدث الجانح والحدث المعرض للجنوح؟:

تجيب عن هذا السؤال المادة الأولى من قانون الأحداث الإماراتي، والتي عرفت:

  • الحدث الجانح بأنه: طفل ارتكب جريمة معاقب عليها في قانون العقوبات أو أي قانون آخر في دولة الإمارات.
  • الحدث المعرض للجنوح: هو طفل تتعرض سلامته الأخلاقية أو الجنسية أو الجسدية أو النفسية أو العقلية أو الفكرية أو التربوية للخطر الذي قد يحوله إلى حدث جانح بالفعل.

سن الحدث في القانون الإماراتي:

هذه النقطة مهمة للغاية في قانون الأحداث.

القانون الاتحادي في شأن الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح
من المهم تحديد سن الحدث في تاريخ ارتقاب الواقعة، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copiolt.

قد يؤدي فارق يوم واحد في بعض الأحيان إلي تحويل المحاكمة من محاكمة حدث إلى محاكمة شخص بالغ.

ولعلنا هنا نذكر واقعة، كان بطلها محامي مصري شهير اسمه (بهاء الدين أبو شقة) والذي حول اتهام متهم قام بتوكيله من أمام محكمة الجنايات إلى محكمة الأحداث لأن محضر الشرطة فتح عند الساعة 11,50 دقيقة مساء في اليوم السابق لاتمامه 18 عام.

وهكذا حدد قانون الأحداث الإماراتي أساس تحديد السن بالتاريخ الميلادي وذلك في المادة رقم ٣ من هذا القانون.

فيما نصت المادة ٤ منه على: ((تثبت السن بوثيقة رسمية)) وذلك مثل شهادة الميلاد على سبيل المثال، فإذا تعذر ذلك يقوم الطبيب بتحديده.

مسؤولية الحدث في القانون الإماراتي:

نصت المادة ٥ من قانون الأحداث الإماراتي على أنه: ((لا يسأل جزائيا الحدث الجانح الذي لم يبلغ سن "١٢" الثانية عشر وقت ارتكاب الفعل المعاقب عليه قانونا)).

هذا النص ومعه نص المادتين ٦ و ٧ من نفس القانون، يجعلنا نقول أن قانون الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح، قسم الأحداث إلى ثلاثة فئات من حيث العمر.

  • الفئة الأولى: الحدث الذي لم يبلغ سن الثانية عشر:

أعفي القانون الإماراتي أي حدث لم يبلغ الثانية عشر من عمره من المحاكمة، لكنه يعطي للنيابة العامة الحق في أن تتخذ بعض التدابير لمواجهة حالته.

  • الفئة الثانية: الحدث الذي بلغ سن الثانية عشر لكنه لم يبلغ السادسة عشر:

إذا كان الحدث في سن يتراوح بين ١٢ و ١٦ سنة، وارتكب جريمة يعاقب عليها القانون، تحكم المحكمة بما يعرف باسم (التدابير القضائية).

  • الفئة الثالثة: الحدث الذي بلغ سن السادسة عشر ولم يصل الثامنة عشر:

المسؤولية الجنائية للأحداث في القانون الإماراتي
أعطي المشرع الإماراتي للقضاء سلطة أن يحكم بتدابير تحسن من سلوك ومستقبل الحدث الجانح أو المعرض للجنوح، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copiolt.

إذا كان سن الحدث بين ١٦ و ١٨ سنة، يجوز للمحكمة أن تحكم بالتدابير القضائية، وسنبين ما هي هذه التدابير في جزء لاحق من هذا التقرير.

فإذا سألت ما هو الفارق إذن بين الحدث الذي يتراوح عمره من ١٢ وحتى ١٦ سنة، وبين من يتراوح سنه من ١٦ وحتى ١٨ سنة، طالما أن المحكمة ستحكم بالتدابير القضائية؟.

الفارق هنا أنه في الحالة الأولى "يجب" على المحكمة أن تحكم بالتدابير القضائية، أما في الحالة الثانية فإنه "يجوز لها"  بمعني أنه قد تحكم المحكمة بعقوبات بدلا من التدابير القضائية، فهذا أمر يرجع لتقديرها في كل قضية على حدة.

ما هي العقوبات التي توقع على الحدث في القانون الإماراتي؟:

وضعت المادتين ٨ و ٩ من قانون الأحداث الإماراتي عددا من القواعد التي تلتزم بها محاكم الأحداث في الدولة حين نظرها لأي قضية، وهي:

  1. أنه لا يجوز الحكم على الحدث بالاعدام أو السجن.
  2. بدلا من تلك العقوبتين يتم معاقبة الحدث بعقوبة الحبس بشرط أن لا تزيد مدته عن ١٠ سنوات.
  3. إذا تم معاقبة الحدث بعقوبة الحبس يجب أن لا تزيد مدتها عن نصف مدة الحد الأقصى للعقوبة الأصلية التي تفرض على البالغين (مثال: من أشهر صور جرائم الأحداث هي جريمة السرقة، ولنفترض مثلا أنها جريمة سرقة بالإكراه باستعمال السلاح، فهذه الجريمة حدها الأقصى ٣ سنوات بحسب المادة ٣٨٥ من قانون العقوبات الإماراتي .. لذا إذا وقعت من حدث فإن أقسي عقوبة توقع عليه هي الحبس لمدة عام ونصف).

هل يجوز سجن أو حبس الحدث في الإمارات؟:

ما هو السن القانوني لدخول الحدث إدارة رعاية الأحداث؟.
حتى لا يتعرضوا للاختلاط مع المجرمين من كبار السن أو محترفي الإجرام، يجب حبس الأحداث في (مؤسسة الأحداث).

قولا واحدا ((نعم)) يجوز سجن الحدث في الإمارات.

لكن الفارق يكون في المكان الذي يتم تنفيذ فيه الحكم.

فبحسب الفقرة الثانية من المادة ٨ من قانون الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح، إذا تم تنفيذ حكم الحبس على الحدث، فإنه يتم في ((مؤسسة الأحداث)).

ويبقي الحدث في هذه المؤسسة حتى تنتهي مدة الحكم عليه، أو إلي أن يتم عمر ١٨ سنة، فإذا أتمها، يتم نقله لإكمال مدة العقوبة في السجن أو المؤسسة العقابية.

ما هي التدابير القضائية التي توقع على الحدث في الإمارات؟:

نص قانون الأحداث الإماراتي على ما يعرف باسم ((التدابير القضائية)).

إنها مجموعة من التدابير التي قد تقرر المحكمة اتخاذها بحق الحدث بدلا من أن توقع عليه عقوبة الحبس، وتشمل هذه التدابير:

  • وضع الحدث تحت الاختبار القضائي:

كما أوضحت المادة ١٢ من القانون، فإنه وبدلا من عقوبة الحبس، يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف النطق بالحكم مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ٣ سنوات.

يشترط هنا أنه وفي خلال تلك المدة أن لا يتم الحدث سن الثامنة عشر.

وخلال تلك المدة يخضع الحدث لمجموعة من القيود ويتم الإشراف عليه، فإذا أمضى تلك المدة بنجاح، اعتبرت القضية كلها كأن لم تكن أصلا.

وهذا إجراء ممتاز للغاية يفتح الطريق أمام تقويم الأحداث وتصحيح مسارهم في الحياة بإعطائهم فرصة جديدة، فإذا لم ينجح الحدث تعاد محاكمته من جديد.

وقد أوضحت اللائحة التنفيذية للقانون في مادتها رقم ٥ هذه القيود مؤكدة أن المحكمة لها أن تكتفي بقيد واحد أو تجمع عددا منها في نفس الوقت ليخضع لها الحدث.

ومن بينها:

  1. تحديد وقت لا يخرج منه الحدث من المنزل.
  2. تحديد أماكن يمتنع الحدث عن التردد عليها.
  3. عدم السفر خلال فترة الاختبار إلا بإذن من المحكمة.
  4. عدم تغيير محل الإقامة إلا بإذن المحكمة.
  5. تحديد واجبات يقوم بها الحدث.
  6. الخضوع لبرامج التأهيل التي يحددها اختصاصي الطفل.

وكما نلاحظ فكلها إجراءات تركز على إعادة تأهيل الحدث وتعليمه السلوك الصحيح.

  • وضع الحدث تحت المراقبة الإلكترونية:

لا يحدث هذا إلا في الجرائم الشديدة الخطورة، كما أنه لا يحدث إلا بعد انقضاء مدة عقوبته وإيداعه في أحد المراكز أو المؤسسات المخصصة لذلك.

ومن الأمثلة على الجرائم التي يخضع الحدث الذي ارتكبها للمراقبة الإلكترونية: ((جرائم أمن الدولة، الجرائم المعاقب عليها أصلا بالاعدام أو السجن المؤبد أو السجن المؤقت، تزييف أو تزوير أو تقليد النقود ... إلخ)).

  • تكليف الحدث بالخدمة الاجتماعية:

يجوز للمحكمة أن تكلف الحدث بأداء خدمة لمصلحة المجتمع، وذلك كما حددت المادة ١٤ من قانون الأحداث الإماراتي.

ويتم تحديد تلك الخدمة بمراعاة قربها من منزله وتوافقها مع المهارات التي يمتلكها، وتناسب جنس الحدث مع نوع الخدمة المجتمعية المكلف بها، وبعض الاعتبارات الأخرى مثل السن (يجب أن لا يقل عن ١٦ سنة).

وتحدد المحكمة عدد ساعات الخدمة الاجتماعية والمدة التي سيقوم بها خلالها، وإذا تغيب عنها، فإن للمحكمة أن تقرر عليه تدابير أخرى.

  • حظر ممارسة الحدث لعمل معين:

قد تري المحكمة أن ممارسة الحدث لعمل معين يؤدي إلى جنوحه، وفي هذه الحالة يجوز لها أن تمنعه من ممارسته.

  • إلزام الحدث بممارسة التدريب المهني:

وتراعي المحكمة في هذه الحالة أن يتناسب التدريب مع سن وجنس الحدث، على أن لا تقل مدته عن شهر ولا تزيد عن ٣ سنوات.

هذا ويتم التدريب في أماكن متخصصة حكومية أو تابعة للقطاع الخاص.

  • إيداع الحدث في منشأة صحية:

راعت اللائحة التنفيذية لقانون الأحداث الإماراتي أنه وفي بعض الحالات قد يحتاج الحدث للإيداع في منشأة صحية.

من تلك الحالات مثلا أن يكون الحدث قد أدمن المخدرات ويحتاج إلى العلاج.

  • إيداع الحدث في المركز الوطني للمناصحة:

وهذا المركز يقدم مجموعة من البرامج الإصلاحية والتأهيلية على أسس دينية وعملية ونفسية واجتماعية، بهدف توجيه وإصلاح وهداية الحدث.

  • إيداع الحدث في مؤسسة الأحداث:

في بعض الحالات قد تأمر المحكمة بإيداع الحدث في مؤسسة الأحداث.

مثل حالة الحدث الذي يشكل خطورة على نفسه وعلى غيره، أو الحدث الذي ارتكب جرائم شديدة الخطورة، أو تكرر جنوحه أكثر من ٣ مرات، أو الحدث الذي ارتكب عدة جرائم في نفس الوقت، أو الحدث الذي كرر لأكثر من مرتين مخالفته للتدابير التي قررتها المحكمة.

كيف تحدد المحكمة التدبير المناسب للحدث؟:

كما رأينا فإن القانون وضع إمكانية حبس الحدث أو مواجهته بالتدابير القضائية، فكيف يتم تحديد الإجراء المناسب لكل حالة.

هذا أمر تقديري للمحكمة.

لكن جاءت اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم ٦ لسنة ٢٠٢٢ بشأن الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح في دولة الإمارات لتحدد عدد من المعايير التي تستخدمها المحكمة لتحديد الاجراء المناسب، وقد وردت هذه المعايير في المادة (٣) من اللائحة:

  1. سن الحدث.
  2. جنس الحدث.
  3. جسامة الفعل.
  4. طبيعة الفعل إذا كان منظما أو ضمن تشكيل عصابي.
  5. عدد مرات جنوح الحدث.
  6. الوضع الأسري والصحي والنفسي والاجتماعي للحدث.
  7. مراعاة مصلحة الحدث.
  8. التقرير الذي يصدر عن اختصاصي حماية الطفل.

لأي استشارات بشأن جرائم الأحداث في دولة الإمارات العربية المتحدة.. أو اي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا).

وفي الختام سلام..
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات