في البداية وقبل كل شئ فإننا في ((القانون في الخليج)) وعندما نتحدث عن أي شيء يتعلق بالقضايا الأسرية، نكون في أشد الحرص على دوام التعامل الطيب، حرصا على مصلحة الأطفال أولا وأخيرا.
أعطي القانون القطري الحضانة بشكل افتراضي للأم، وهو في ذلك جاء متوافقا مع أحكام الشريعة الإسلامية. |
ونذكر أنفسنا وأياكم، بقول الحق -سبحانه وتعالى-: ((وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)) [الآية الكريمة رقم ٢٣٦ من سورة البقرة.
لذا فإننا أولا وقبل كل شيء حينما نتحدث عن ((حضانة الأطفال بعد الطلاق في القانون القطري)) سنعرض ما هي الحضانة وشروطها، ثم نتطرق إلي الحلول الودية التي تضمن مصلحة الجميع، ثم نقوم في النهاية بتقديم الحلول القانونية إذا تعذر تماما حل المشكلة إلا عبر اللجوء إلي القضاء.
ما هي الحضانة في القانون القطري؟:
دعونا نفهم أولا، ما هي الحضانة في القانون القطري.
ينظم ذلك القانون رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٦ بإصدار قانون الأسرة القطري، والذي نص في المادة ١٦٥ منه على أن: ((الحضانة هي حفظ الولد، وتربيته، وتقويمه، ورعايته، بما يحقق مصلحته)).
والولد في هذه المادة تشمل الذكور والإناث.
من له الحضانة في القانون القطري؟:
المادة ١٦٦ من القانون رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٦، حددت من له الحضانة في القانون القطري على التفصيل التالي:
- إذا كانت الزوجية قائمة: للوالدين معا.
- الافتراق بدون طلاق: وهي حالة قد يحدث فيها أن يفترق الزوجين ويعيش كل منهما في مكان مستقل، لكن دون أن يطلق الرجل زوجته، وتكون الحضانة هنا للأم.
- الطلاق: الحضانة للأم.
وقد أوجبت هذه المادة على القاضي أن يحاول الصلح بين الطرفين ليتفقا في مسألة الحضانة، بشرط أن يكون ذلك لمصلحة الطفل المحضون.
الشروط الواجب توافرها في من يستحق الحضانة في القانون القطري:
إذن فإن الحضانة تتطلب القيام بمهام ومسؤوليات للحفاظ على الولد وتربيته، وهذه الأمور يجب أن يقوم بها شخص تتوافر به بعض الشروط، لا أن يترك الأمر هكذا.
وقد وضحت المادة ١٦٧ شروط اسمتها ((شروط أهلية الحاضن))، وهذه الشروط هي:
- البلوغ ((لأن من لم يبلغ هو في حضانة غيره أصلا)).
- العقل ((لأنه لا يتصور أن نترك الطفل مع مجنون أو معتوه)).
- الأمانة ((وهذا شرط مفترض أن يتوافر في كل شخص، ولا يسقط عنه إلا إذا صدر بحقه حكم قضائي في مسألة من المسائل التي تمس الأمانة أو الشرف)) مثل ارتكابه ((جريمة السرقة في قطر)) أو ((جريمة خيانة الأمانة في القانون القطري)) أو ((جريمة الزنا في القانون القطري)).
- القدرة على تربية المحضون، والمحافظة عليه ورعايته بما يحقق مصلحته.
- السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة.
- أن يكون ذا رحم محرم للمحضون في حالة اختلاف الجنس ((مثلا: أن يكون العم حاضنا لأبنة اخيه، أو أن تكون الخالة حاضنة لأبن أختها)).
وهذا يمكن أن نسميه الشروط العامة للحاضن في القانون القطري، لكن لا يزال هناك بعض من الشروط الخاصة، التي يجب توافرها حتى تستمر الحضانة.
شرط عدم زواج الأم الحاضنة في القانون القطري:
هنا يجب أن نطالع المادة ١٦٨ من قانون الأسرة القطري.
هذه المادة اشترطت في المرأة الحاضنة أن لا تكون متزوجة من زوج أجنبي عن الطفل المحضون.
وهذا يقودنا إلى نقطة مهمة، وهي أنه إذا كان الزوج غير أجنبي عن الطفل المحضون -مثلا: حالة سيدة توفي زوجها، فتقدم لها شقيقه وتزوج منها-، في هذه الحالة فإن الزوج هو عم المحضون، فلا تسقط حضانة المرأة في هذه الحالة.
وأيضا لا تسقط حضانة الطفل عن المرأة حتى لو تزوجت من رجل أجنبي عن المحضون، لكن في حالة أن يعرض الأمر على القضاء وتري المحكمة أن مصلحة الطفل أن يستمر مع المرأة الحاضنة له.
ما هو ترتيب الحضانة في قانون الأسرة القطري؟:
الحقيقة أن المادة ١٦٩ من القانون رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٦، قد وضعت ترتيبا طويلا ومفصلا لمن يستحق الحضانة، بحيث إذا تعذر أن يكون الطفل مع واحد منهم، ينتقل مباشرة إلي الذي يليه.
بل وتلاحظ أن هذا الترتيب من الصعب بل يكاد يكون من المستحيل أن يصل إلى ما هو أبعد من المرتبة الرابعة فيه، بل وستجد أن بعض المذكورين غالبا ما يكونوا قد توفوا أصلا "مثل ام الجد للأب".
المهم هنا أن نعرف ترتيب الحضانة في قانون الأسرة القطري والذي جاء على النحو التالي:
- الام.
- الاب.
- أمهات الأب.
- أمهات الأم.
- الجد للأب.
- أمهات الجد للأب.
- الأخت الشقيقة.
- الأخت للأم.
- الأخت للأب.
- الخالات.
- العمات.
- خالات الأب.
- عمات الأب.
- بنات الأخوة.
- بنات الأخوات.
- بنات الأعمام.
- بنات العمات.
- بنات عمات الأب.
الشروط الخاصة في الحاضن الرجل في القانون القطري:
في بعض الأحيان، يكون الحاضن رجل (سواء كان الاب أو الجد أو العم أو الخال).
والشرطين هنا في هذه الحالة هما:
- أن يكون متحدان في الدين.
- أن يكون مع الرجل امرأة من أهله ((أمه - زوجته - شقيقته)) تصلح للقيام بواجبات الحضانة.
هل يجوز استرداد الحضانة بعد سقوطها في القانون القطري؟:
وهنا قد يثور سؤال مهم، وهو ماذا لو سقط حق الحاضن في حضانة الصغير بسبب عدم توافر أي شرط من هذا الشروط، ثم عاد وتحقق له الشرط من جديد.
مثال: أن يصاب الشخص بمرض معدي خطير، ثم يمن الله عليه بالشفاء التام، أو أن يكون غير قادر على تربية المحضون، فيصبح قادرا، أو اي حالة أخرى من الحالات الخاصة كأن تتزوج الأم فتسقط عنها الحضانة ثم يطلقها زوجها الثاني أو يموت عنها.
في هذه الحالة تحكمنا الفقرة الثانية من المادة ١٦٦ من قانون الأسرة القطري، والتي نصت على: ((الحضانة حق متجدد، فإن سقطت لمانع أو حكم باسقاطها، وزال المانع أو سبب الاسقاط، عاد حق الحضانة من جديد)).
وهكذا فإذا عادت الشروط وتحققت بشكل كامل في حق الحاضن، فإنه يحق له أن يسترد حضانة الطفل المحضون من جديد.
هل يجوز التنازل عن الحضانة بدل الخلع في القانون القطري؟:
الإجابة هي لا بشكل قاطع، وذلك واضح تماما من نص المادة ١٢٠ من قانون الأسرة القطري، والتي نصت على:
((لا يجوز أن يكون بدل الخلع التخلي عن حضانة الأولاد، ولا عن أي حق من حقوقهم)).
وهذا النص الهدف منه قطع الطريق على أي مساومات تتعلق بمصلحة المحضون.
الحل الودي لحضانة الأطفال في قطر:
دعونا أيها السيدات والسادة أن نتفق على أن الأمر الطبيعي الذي ينشأ فيه الطفل هو أن يكون في أسرة واحدة يعيش فيها بين والديه.
فإذا وقع الطلاق، وتعذر ذلك، فإن عليكما كأب وأم، قبل اي شيء آخر أن تشعرا بالرحمة تجاه هؤلاء الأطفال، وطالما لم تنجحا في توفير الحضانة له في أسرة واحدة، فإحرصوا على جعل هذا متوفر ولو بنسبة أقل.
كيف ذلك؟.
الطريقة المثالية هي جعل الولد (الابن أو الابنة) لدي أمه في أيام المدارس، ومع عطلة نهاية الأسبوع ينتقل إلي والده، ويمكن هنا إذا كان الطفل صغيرا يخشي عليه أن يترك يتحرك بمفرده بين المنزلين، الاستعانة بوسيط يعرفه العائلتين ويثقون به.
ويمضي ذلك في أيام الأعياد وشهر رمضان، فيمضي بين والديه جزء منها، وهكذا يكبر الطفل وهو محاط برعاية كلا الوالدين، وعندما يعي الأمور ويدرك، سيدرك ان والديه وبالرغم من انهما لم يستطيعا إكمال الحياة كزوجين، فقد حرصا على مصلحته ورعايته بأفضل طريقة، فينشأ في قلبه الحب تجاههما.
إبرام عقد اتفاق بشأن الحضانة في قطر:
هذا ويمكن لكلا الطرفين كذلك، إن كان هناك رغبة في تأكيد إلزام الأمر بشكل قانوني أن يتم صياغة عقد قانوني يشمل كافة التفاصيل عقب الطلاق، منها الحضانة والنفقات .. إلخ.
ونحن نقدم خدمة إعداد هذا العقد ويمكنكم التواصل معنا عبر صفحة (اتصل بنا) للحصول عليها.
أحكام قضائية تتعلق بالحضانة في القانون القطري:
سنعرض لكم هنا عددا من القضايا التي شهدت منازعات حول الحضانة في المحاكم القطرية.
الهدف من ذلك، هو إعطائكم المزيد من المعرفة حول هذا الأمر من خلال عرض أحكام المحاكم، لتعرفوا حقوقكم وواجباتكم، وأيضا لتعرفوا متي يكون من غير المجدي رفع دعوى قضائية.
- القضية الأولى: صدر الحكم فيها في شهر يوليو ٢٠٢١:
هذه القضية رفعها الأب ضد الأم والتي كانت تعيش خارج دولة قطر بعد الطلاق، طالبا الحكم له بإسقاط الحضانة عنها.
- القضية الثانية: صدر الحكم فيها في شهر فبراير ٢٠٢٣:
قضت المحكمة بحضانة الطفل لأمه بعد الطلاق، وهذا أمر مفهوم ويتناسب مع أحكام قانون الأسرة القطري.
هذا ويمكنكم قبل المغادرة قراءة تقريرنا عن: ((النفقات المستحقة للزوجة في القانون الإماراتي)).