جريمة الزنا في القانون البحريني. |
يعد الزنا أحد أخطر الأفعال التي تمس باستقرار وأمن العائلات والآداب العامة.. بخلاف آثارها النفسية الرهيبة التي تمتد لتشمل جميع من يحيط بمرتكبها، وربما لأبنائه حتى بعد موته.
أيضا، يعتبر الزنا في منظور إسلامي أحد أخطر وأكبر الأفعال إثما التي يمكن للمرء أن يرتكبها، يقول عز وجل:
((وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)) {الآية 32 : سورة الإسراء}.
في سبيل ذلك كله، نظم (قانون العقوبات البحريني) رقم ١٥ لسنة ١٩٧٦ العديد من الأحكام التي تناولت أمر جريمة الزنا من العديد من الجوانب.
توصيف الزنا في القانون البحريني:
تختلف القوانين في التعامل مع الزنا، فمنها ما يحكم فيها بحد الجلد المذكور في القرآن الكريم (منها بعض المناطق في ماليزيا)، ومنها ما لا يعاقب عليها أصلا (مثل الوضع في الدول الأوروبية على سبيل المثال).
أما قانون العقوبات البحريني فقد اعتبرها (جنحة)، وهي بذلك تحتل مرتبة وسطا، فهي أقل من (الجنايات) وأعلى من (المخالفات) في تدرج سلم العقوبات في البحرين.
عقوبة الزنا في البحرين:
ترد عقوبة جريمة الزنا في البحرين في نص خاص بها في قانون العقوبات وهو المادة (٣١٦)، التي تنص على:
((يعاقب الزوج الزاني بالحبس مدة لا تزيد على سنتين)).
ولفظ الزوج هنا المقصود به الرجل أو المرأة.
شرط افتراض العلم بوجود علاقة زواج وقت الزنا:
في نفس المادة -٣١٦ عقوبات البحرين- وبالفقرة الثانية منها، يفترض القانون أن مرتكب جريمة الزنا يعتبر عارفا بأن شريكه فيها (متزوج أو متزوجة)، ومع ذلك فهو يعطيه فرصة إثبات أنه لم يكن يعرف، فتنص هذه الفقرة على:
((ويفترض علم الجاني بقيام الزوجية ما لم يثبت من جانبه أنه لم يكن في مقدوره بحال العلم بها)).
إن هذه الفقرة خطيرة للغاية، لأنه وفي حال إثبات أحد من تورطا في الزنا، أنه لم يكن يعرف أن شريكه متزوجا، فإن ذلك يمنع من محاسبته قانونا، بشرط وحيد في حالة الرجل الذي لم يكن يعلم أن من يزني بها متزوجة، أن تكون قد أتمت الحادية والعشرين من عمرها.
قتل الزوج لزوجته حال تلبسها بجريمة الزنا:
تنص المادة ٣٣٤ من قانون العقوبات البحريني على:
((يعاقب بالحبس من فاجأ زوجه متلبسا بجريمة الزنا فقتله وشريكه في الحال أو اعتدى عليهما اعتداء أفضى إلى الموت أو عاهة.
ويسري هذا الحكم على من فاجأ أحد أصوله أو فروعه أو أخواته متلبسة بجريمة الزنا.
ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر)).
وهذا النص مهم للغاية لأنه يخفف من عقوبات قاسية للغاية، فحسب قانون العقوبات البحريني تصل عقوبة القتل إلى حد الإعدام، وتصل عقوبة إحداث عاهة مستديمة إلى السجن لمدة ٧ سنوات.
لكن القانون هنا جعلها عقوبة حبس، قد تكون سنة مثلا، أو حتى بضعة شهور على حسب تقدير القاضي.
أيضا فهذا النص عالج مسألة مهمة جدا أن بعض التشريعات لم تتحدث عن استعمال من يزني لحق الدفاع الشرعي، فجعلت الباب مفتوح للزناة أن يقوموا بقتل الزوج أو حتى إصابته بعاهة.
فلو أتاح لهم قانون العقوبات البحريني الحق في الاحتجاج بأنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم دفاعا شرعيا لمات الزوج بدون ثمن.
وهكذا أتاح قانون العقوبات البحريني (عذر قانوني) مخفف للعقوبة لكل من:
- الزوج
- الاب
- الاخ
- الابن
حالة اكتشاف وقوع جريمة الزنا بعد الطلاق:
الفقرة الثالثة من المادة ٣١٦ من قانون العقوبات البحريني، تعرضت لحالة أن يتم ارتكاب جريمة الزنا ثم يحدث الطلاق.
بعد الطلاق، قد تنكشف هذه الجريمة بشكل أو بآخر، ففي هذه الحالة يعتبر القانون أن الجريمة واقعة ويستلزم ذلك عقاب مرتكبها، فتنص الفقرة على:
((ويقصد بالزوج في حكم هذه المادة من تتوافر فيه هذه الصفة وقت وقوع الجريمة، ولو زالت عنه بعد ذلك)).
التعويض عن جريمة الزنا في البحرين:
يبيح القانون البحريني للطرف المتضرر من إثبات جريمة الزنا على زوجه أو زوجته أن يرفع (دعوى تعويض) نتيجة ما يصيبه من أضرار نفسية وأدبية.
وقد سبق للعديد من المحاكم البحرينية إصدار أحكام تعويض في هذا الشأن.
ويمكنكم في هذا الصدد الإطلاع على تقريرنا: ((كل أحكام التعويض في القانون المدني البحريني)).
إرسال تعليق