ما حكم رد الهدايا في حال فسخ الخطوبة في القانون البحريني؟. |
الخطوبة أو (الخطبة) هي طلب الزواج ووعد به.
في البحرين، تمتد فترة الخطوبة لبعض الوقت، ويحدث في الكثير من الأحيان أن يتبادل الطرفين الهدايا.
لكن، ولأي سبب كان، قد يعدل أحد الطرفين عن الاستمرار في الخطوبة (الخطبة) أو حتى يعدل كلاهما معا.
في أعقاب ذلك، يفكر كلا الطرفين في حكم المهر (الصداق) وكذلك الهدايا .. ما موقفها، وهل يستردها صاحبها ام لا؟.
أجاب القانون رقم 19 لسنة 2017 بإصدار قانون الأسرة البحريني على تلك الأسئلة، وفرق في الإجابة بين أصحاب المذهب السني والمذهب الجعفري، وذلك على النحو التالي بيانه.
حكم رد الهدايا بعد فسخ الخطوبة لأصحاب المذهب السني في القانون البحريني:
نفرق هنا بين ثلاثة حالات:
الحالة الأولى: فسخ الخطوبة بواسطة أحد الطرفين:
تنص الفقرة أ / ١ من المادة ٤ من قانون الأسرة البحريني على:
((وفقا للفقه السني .. يرد من عدل عن الخطبة الهدايا التي حصل عليها بعينها إن كانت قائمة، وإلا فمثلها أو قيمتها يوم قبضها، ما لم يقض العرف بغير ذلك، أو كانت مما تستهلك بطبيعتها)).
في هذه الحالة، فإن الخاطب أو المخطوبة إذا كانا من أصحاب المذهب السني، ورأي أن يعدل عن الخطوبة، فإن عليها رد الهدايا التي أهداها له الطرف الآخر.
وهنا نفرق بين الهدايا التي يمكن ردها بعينها، على سبيل المثال أن يرد الرجل ساعة أو ملابس أهديت إليه، أو أن ترد الفتاة مصاغ ذهبي أو جوال أهديت إليها.. هذه كلها ومثيلاتها أشياء يمكن ردها بعينها، فيتم ردها.
ومع ذلك يجوز أن يكون الرد بالمثل .. مثلا يكون الخاطب الذي عدل عن الخطبة قد إهديت له ساعة يد رجالية، فيمكنه أن يشتري بقيمتها بالضبط ساعة يد نسائية ويردها.
كما يجوز رد قيمة الشئ بنفس قيمته يوم تم تسليمه، فيعرف سعره يومها ويتم رد القيمة مالا.
ولا ترد الهدايا التي تستهلك بطبيعتها، مثال: وجبات الطعام أو الشراب ومثل ذلك.
أيضا نفهم من هذه الفقرة أن الطرف الذي لم يكن العدول عن الخطوبة من جهته لا يرد الهدايا التي أهديت له، إذا كان من أصحاب المذهب السني في البحرين.
الحالة الثانية: فسخ الخطوبة بالاتفاق بين الطرفين:
هذه الحالة بينتها الفقرة ب / ١ من المادة ٣ من قانون رقم 19 لسنة 2017 البحريني، والتي تنص على:
((إن كان العدول باتفاق الطرفين، رد كل منهما ما قبض من هدايا الطرف الآخر على النحو المشار إليه في الفقرة السابقة)).
إذن هذه الحالة يتفق فيها الطرفين على فسخ الخطوبة (الخطبة)، ويرد كل منهما هدايا الآخر التي لا تستهلك بطبيعتها، أو يرد قيمتها أو مثلها.
الحالة الثالثة: فسخ الخطوبة بسبب الوفاة أو عارض قهري:
في الفقرة ج / ١ من المادة ٤ من قانون الأسرة البحريني:
((إذا انتهت الخطبة بالوفاة أو بسبب لا يد لأحد الطرفين فيه أو بعارض قهري حال دون الزواج فلا يسترد شيء من الهدايا)).
حالات الوفاة أو حالات العرض القهري أو السبب الذي لا دخل لأحد الطرفين فيه (مثال: أن يجري الطرفين تحاليل طبية تثبت أن أحدهما لا ينجب أو أن أي أطفال لهما قد تولد مشوهة أو مريضة).
في هذه الحالة لا يرد أحد الهدايا التي وصلته من الطرف الآخر.
حكم رد الهدايا بعد فسخ الخطوبة لأصحاب المذهب الجعفري في القانون البحريني:
بالنسبة لأصحاب المذهب الجعفري في البحرين، فقد نظمت الفقرة الثانية من المادة ٤ من القانون رقم 19 لسنة 2017 البحريني، حالات رد الهدايا أيضا في ثلاث حالات.
الحالة الأولى: حالة الهدايا المشروطة بإتمام الزواج:
تنص الفقرة أ / ٢ من تلك المادة على:
((إذا عدل الطرفان أو أحدهما عن الخطبة تسترد الهدايا المشروطة بإتمام الزواج ولو كان الشرط ارتكازيا ما لم تكن تستهلك بطبيعتها)).
بعض الهدايا تكون غالية الثمن فيشترط صاحبها أن تكون مقدمة على شرط إتمام الزواج.
وهذا النص واضح، فمهما يكن سبب فسخ الخطوبة (الخطبة) لأصحاب المذهب الجعفري في البحرين.. سواء كان بالاتفاق أو برغبة أحد الطرفين دون الآخر، فجميع الهدايا يتم ردها، ما لم تكن هدايا تستهلك بطبيعتها كالمأكولات والمشروبات والحلوى... إلخ.
الحالة الثانية: حالة الهدايا الغير مشروطة بإتمام الزواج:
هذه الحالة أوضحتها الفقرة ب / ٢ من قانون الأسرة البحريني، والتي تنص على:
((إن لم تكن الهدية مشروطة بإتمام الزواج فلا تسترد مع تصرف المهدي إليه في العين تصرفا ناقلا أو متلفا)).
هذه الحالة تكون الهدية مقدمة بغير اشتراط ارتباطها بإتمام الزواج، وغالبا ما تكون هدايا بسعر معقول، وهنا لا تسترد الهدايا طالما كان من استلمها قد استعملها.
الحالة الثالثة: فسخ الخطوبة بسبب الوفاة:
تنص الفقرة ج / ٢ من المادة 5 من القانون رقم 19 لسنة 2017 البحريني أنه ووفقا للمذهب الجعفري:
((إذا انتهت الخطوبة بسبب الوفاة فلا يسترد شيئا من الهدايا)).
رأينا في رد الهدايا بعد فسخ الخطوبة في البحرين:
نحن نري أن لا ترد الهدايا في حال فسخ الخطوبة إلا إذا كانت تعتبر جزء من المهر (كالذهب على سبيل المثال).
أما بقية الهدايا، فنري تطبيق ما قاله الصادق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده).
وقوله صلى اللّه عليه وسلم: (العائد في هبته كالكلب، يقيئ ثم يعود في قيئه).
فليترفع المسلم عن طلب الهدايا التي أهداها، ويكتفي فقط بإسترداد ما دفعه كشرط للزواج أو كجزء من المهر، وهذا هو رأينا في المسألة والذي يمكن لمن أراد التفاهم مع الطرف الآخر والعمل به.
رد المهر بعد فسخ الخطوبة في القانون البحريني:
تنص المادة 34 من قانون الأسرة البحريني على:
((مع مراعاة حكم المادة (4) من هذا القانون، إذا سلم الخاطب إلى مخطوبته قبل العقد مالاً على أنه من الصداق ثم عدل أحد الطرفين عن إبرام العقد أو مات فيُرد ما سُلم بعينه إن كان قائماً وإلا فمثله أو قيمته يوم القبض)).
وهكذا فإن المهر لو سلم جزء منه -سواء كان مالا أو ذهبا- وفسخت الخطوبة أو مات أحد طرفيها، فإنه يسترد ما تم تسليمه لو كان بحالته أو قيمته.
بهذا ينتهي تقريرنا الذي تناولنا فيه رد الهدايا والمهر في حالة فسخ الخطوبة في البحرين سواء لأتباع المذهب السني أو المذهب الجعفري.
وفي النهاية، فلا يسخط أحد على فسخ خطوبته، فهذا أولا وأخيرا قدر الله عز وجل، والإنسان عليه أن يرضي بقضاء الله، وحتى لو شعر بالحزن فليقل: (اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيرا منها)، وليعلم الجميع أن فسخ الخطبة أفضل بكثير من الطلاق بعد الزواج والدخول، وأفضل أكثر وأكثر من لو كان هناك أولاد.
إرسال تعليق